الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

مقدمة كتاب لستم أحفادي


مجموعة قصصية ، بدأت بقصة قصيرة كُتبت في يوم الأربعاء 23 سبتمبر 2010 ، لقد كانت أحوال المصريين لا تنذر بخير في جميع نواح الحياة ، الأحوال المعيشية متدنية ، الأمراض الخطيرة متفشية ، خاصة بعد ما عُرف بصفقة الحبوب المُسرطنة ، وتلوث مياه الشرب ، وانتشار عدوى فيروس سي ، مع وجود رعاية صحية مُتدنية ، القمامة أصبحت أهم معالم الشوارع المصرية ، وسط كل هذا كانت أرواح الكثيرين تطوق إلى الماضي بكل ما فيه من رقي ، وعظمة ، وراية خفاقة لوطن كان ملء السمع والبصر ، لكن هيهات أن تنعم بتلك الاستراحة والفسحة التاريخية ، ستسمع أصواتا عالية تقول لك احترس لسنا أحفاد الفراعنة ، فماذا سيحدث لو أستيقظ الفرعون من رُقاده وشاهد أحوال مصر؟! ، بلا شك سيقول لنا  " لستم أحفادي " .
الفراعنة في أذهان البعض ما هي إلا مجموعة من البشر كونوا جيشا يرأسه الفرعون ، راكباً عجلته الحربية ,لا يفعل شيء سوى المعارك ، فتلخصت الحضارة الفرعونية في معارك , وأهرامات , وتمثال كبير قابع إلى جوارهم ، فضلاً عن المعابد , والتماثيل , والمسلات ، أما القيمة الإنسانية والعلمية لتلك الحضارة , فلا يعلم أحد عنها شيئا . 
رؤية مبتورة , ساهمت في صناعتها المناهج الدراسية المعتمدة على حشو أذهان الطلاب بعدد من تواريخ المعارك , وأسماء أهم الآثار المصرية , دون التطرق إلى القيم الإنسانية لهؤلاء البشر , ومدى تفوقهم وريادتهم في سائر العلوم والفنون ، رؤية مبتورة , ساهم في صناعتها أيضاً العاملين بالحقل الفني والثقافي , حتى باتت تلك الحضارة مُهمشة ، وأصبحنا نصفق لاختراعات الغرب التي تكون في كثير من الأحيان مستوحاة من حضارتنا القديمة ، رؤية ترسخت في ذهن المواطن المصري فبات شاعراً بالضآلة وهو صاحب حضارة تصل إلى ستة عشر ألف عام مثبتة علمياً لدى علماء المصريات ، وليس سبعة آلاف عام كما يزعم البعض . 

وبهذا كانت القصة الأولى في هذا الكتاب عن المصري المعاصر , عندما يقف في مواجهة مع الماضي البعيد ، مواجهة خلفت شعوراً بالمرارة والألم لما وصل إليه حال مصر وأبنائها .
وتمضى أحداث القصة التي ساقتها أقدار الواقع إلى أن يقف الفرعون ذاته شاهداً على أحداث ثورة 25 يناير ليلة جمعة الغضب، ثورة على كل الأوضاع التي رفضها عقل الفرعون ، لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن أن يشهد الفرعون تحطيم التاريخ والتراث وسرقته ونهبه ، خزائن تتكسر، جماجم تلقى على الأرض تدهسها الأقدام ، فماذا يكون مستقبل أمة لا تعرف قيمة ماضيها ، فتتساقط دموع فرعون مصر حزناً وأسفاً على أحفاد تدمر التاريخ وتبيع إرث الأجداد بثمن بخس لأعداء الوطن ، فلازالت روحه تصرخ  " لستم أحفادي " .
لكن أبناء الوطن الشرفاء لا ينضبون، فيظهر الشباب الشريف الذي يقف حائطاً بشرياً لحماية تراث الوطن، ويظهر البطل المصري الأثري " محمد عبد الرحمن " ليُعيد الآثار المنهوبة ، ولأن السعادة دائما لا تكتمل في مصر تغفل الدولة عن تكريم " محمد عبد الرحمن "، يوم زيارة رئيس الوزراء " عصام شرف " لوزارة الداخلية لتكريم ضباط شرطة الآثار، ومن خلال مساعي العاملين بالحقل الأثري تم تكريم هذا البطل بجامعة الدول العربية لكي لا يغضب الفرعون مرة ثالثة ويقول لنا  " لستم أحفادي " .

ونتوقف طويلاً في قصة  "شارع رمسيس" والتي سميت بذات اسم الشارع القاهري والذي يقع في امتداده متحف الآثار المصرية ، وعلى جانبي طريقه الكثير من المحال تحمل أسم الشارع، بهذا الشارع يعيش أبناء مصر المحروسة ممن يطلق عليهم أولاد البلد، منهم التاجر والموظف، ورجل الدين، ومنهم أيضا أحد العاملين بالقطاع السياحي من الذين أثرت الثورة تأثيراً بالغاً على أحوالهم المادية والمعيشية ، فيضطر إلى مغادرة البلاد ، وفى الخارج سرعان ما ينجح المصري وتتجلى حقيقة معدنه النفيس فيظهر عملاقا شامخا ، أبهر العالم بحضارته الفرعونية والإسلامية ، عندما كان دارساً وباحثاً متمكناً ظهرت عظمة الإنسان المصري على سائر جنسيات العالم .

ثم نتوقف في المحطة الأخيرة عند قصة "  ماريونيت  " التي تروى لنا عن واقع مفزع نعايشه , ومشاهد مروعة أصبحت مفروضة علينا وعلى العالم من بعض شرار البشر ممن يسمون " داعش " , يدعون أنهم يملكون صحيح الإسلام ، وكأن الله لم يهد سواهم ، نتوقف عند تشويه الإسلام والعمل ضده تحت راية الإسلام ، راية لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فتنتفض مشاعر من تمسكوا بسماحة ووسطية الإسلام , وهدي محمد صلى الله عليه وسلم ، ويقولون ما هذا بإسلام ، بل انتفض التاريخ كله بسائر عصوره ، بل بكل من فيه من عظماء المسلمين ، ليبعثوا لنا برسالة واحدة مفادها كلمتان " لستم أحفادنا " 

أيها الإنسان المصري المعاصر ، الفرعون يصرخ ويقول لك " لستم أحفادي " دون أن ينتظر أن يسمعها هو منك 
أيها الإنسان المسلم المعاصر، رموز التاريخ الإسلامي ينتفضون ويقولون لك " لستم أحفادنا  " فلا تتحدثوا عنا

والآن عليك أن تقرأ أولاً لتعرف من أنت , وماذا تريد أن تكون ، عليك أن تقرأ التاريخ ، تاريخ مصر ، وتاريخ الإسلام ، فإما أن تصبح إنسانا يفخر به أجداده , وإما تصبح ملعوناً منهم ، تسير في ظلمات تتخبط فيها، وتُذكر ملعونا في صفحات التاريخ
                                                                                                                                                                                                                                            ناني محسن      
14مارس 2015 الساعة 7 مساء 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق